هل فقدت فرنسا نفوذها بافريقيا؟!

من المعروف ان فرنسا منذ ما يقرب من ستة قرون و هي تتواجد بافريقيا ليس كمنعش عقاري يبني افريقيا، او مستثمر ينعش الحياة الاقتصادية بالقارة السمراء، و لا كمعلم ينشر التعليم بين قباءلها و يرفع عنها الامية و ظلمة الجهل الغارقة فيه، بل مباحث عن الثروات و مستكشف للكنوز و مستعبد لابناء افريقيا، فمنذ وصول الفرنسيين الى هذه القارة المنكوبة و هي تشكل مصدر ثروة الدولة الفرنسية و رفاهية الشعب الفرنسي.

فقد جاء الفرنسيون بعلماءهم الذين درسوا الجغرافية الافريقية، و درسوا الحياة الاجتماعية لقباءلها، و وضعوا الخطط و الاستراتيجيات للسيطرة عليها و المكوث هناك، و عملوا على استكشاف مكونات الارض الأفريقية التي وجودها غنية بمختلف انواع المعادن و مصادر الطاقة، و قد صادف ذلك التطور التكنولوجي بالقارة العجوز، فشجع ذلك على الزيادة في تطوير التكنولوجيا في مختلف المجالات: التواصل و النقل، فظهر الهاتف و الفاكس، و الراديو و التلفاز، و تزامن مع ذلك ظهور السيارات و الشاحنات و الحافلات و القطارات و السفن الضخمة، كما ظهرت الطاءرات.

كما أخذوا البشر (اسر بكاملها، و استعملوا في ذلك ابشع انواع التنكيل و القتل و ارتكبوا مجازر دموية ذهب ضحيتها ملايين الأفارقة الابرياء)، الى فرنسا من اجل العمل في فرنسا، في المناجم، و بناء الشوارع و الطرقات و السكك الحديدية و كل ما يتعلق بالبنية التحتية بالبلاد الفرنسية، و خوض الحروب دفاعا عن فرنسا و مصالحها في كثير من مناطق العالم خاصة الهند الصينية،

 اما افريقيا مصدر الثروات، فقد بقيت قاحلة جرداء مفتقرة لبنية تحتية تخدم مصالح شعوبها، الا من بعض الطرقات و القناطر و السكك الحديدية و الموانء التي تنقل بواسطتها فرنسا الإستعمارية ثروات الشعوب الأفريقية و خيراتها الى بلادها و خزاءنها، 

فلولا افريقيا و خيراتها و بشرها، لما كانت تكنولوجيا و صناعة فرنسية، و لما عاش الشعب الفرنسي الرفاهية التي عاشها منذ قرنين او اكثر، و لما فاز حتى بكاس العالم لكرة القدم مرتين.

الا انه في الفترة الاخيرة، في ظل حكم الرءيس الحالي ماكرون، و الظروف الجيوسياسية التي يمر منها العالم، التي من خلالها تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على تحجيم دور الاتحاد الاوربي و منه فرنسا، و صعود اليمين المتطرف بفرنسا الذي بنى سياسته على المطالبة بطرد و ارجاع المهاجرين الى بلدانهم الاصلية (كلها تقريبا إفريقية)، و استفحال ظاهرة العنصرية بالبلاد، مما خلق مواقف معادية بدول إفريقية تجاه فرنسا، و دخول كل من الصين و روسيا الى القارة الافريقية، و اتجاه دولها نحو الصين خاصة لانشاء بنيات تحتية طالما كانت افريقيا في حاجة اليها، و وعدت روسيا بنقل تكنولوجياتها الى الدول الافريقية، كما عبرت عن استعدادها لاستقبال الطلبة الأفارقة دون تاشيرات نكاية في فرنسا، فوجدت الدول الافريقية متنفسا لها و انعتاقا من قبضة فرنسا التي طالما استنزفت خيراتها دون ان تقدم لها أدنى خدمة تعود عليها بالنفع و على شعوبها بالرفاهية، 

كل هذا بدا يؤشر الى بداية إقصاء فرنسا من افريقيا، الشيء الذي سيؤدي لا محالة، إلى بروز أزمات على كل الأصعدة بالبلاد، كان اقوى معالمها هو تصريح الرءيس الفرنسي في خطاب له قاءلا: على الشعب الفرنسي نسيان ايام الرفاهية، و فعلا بدانا نرى فءة من الشعب الفرنسي تبحث في صناديق القمامة عما ترميه المطاعم و الاسواق الممتازة من اجل ايجاد ما يكملوا به قوتهم اليومي، لان رواتب التقاعد و منح البطالة لم تعد تكفي امام ارتفاع الاسعار.

و الأزمة ستمس كذلك الصناعات، حيث ستفتقر الى المعادن الضرورية لها الواردة من افريقيا خاصة، و كذلك الصادرات التي تستغني افريقيا و تعوضها بالواردات الصينية الاقل ثمنا.

 فالى ما ستؤول الحياة في فرنسا و بعض الدول الأوربية الاخرى بعد دخول كل من الصين و روسيا الى افريقيا، و تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عن حلفاءها الاوربيين فيها؟ خاصة و قد سمعنا قاءد الجيوش الفرنسية السابق إلى ضرورة العودة للغزو العسكري لها إن اقتضى الامر!! 


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-