المتتبعون للشأن السياسي بالمغرب عشية تسلم الحكومة الحالية مهام تدبير امور البلاد، و خروج احدهم بتصريح مستفز لمشاعر الشعب المغربي المسلم، حيث قال: اليوم يخرج المغرب من مشروع اسلامي الى مشروع ليبرالي حداثي، لان مجموعة الاحزاب التي تشكل الحكومة الحالية تسلل اليها مجموعة من ذوي الثقافة و القناعات الحداثية او قل بكل وضوح الحادية و ليبرالية، اما الشؤون الدينية فهي عندها امر فردي شخصي لكل الحق في الاخذ بها أو تركها، و ينسون او يتناسون ان دستور البلاد ينص على أن الإسلام دين الدولة الرسمي و مصدر للتشريع فيها، و يستبدلون ذلك بالقوانين الوضعية الدخيلة، و المعاهدات و الاتفاقيات الدولية الصادرة عن منظمات دولية ذات ثقافات و توجهات الحادية و معتقدات لا علاقة لها بالدين ايا كان،
و بعيدا عن تقييم أداء هذه الحكومة و الوعود التي قدمتها للمواطنين أثناء الحملة الانتخابية، و الصدمة التي انصدم بها المواطن العادي في معيشته اليومية بسبب الارتفاعات المتتالية في الاسعار التي مست كل شؤون الحياة اليومية، و اخر تلك الصور التي هزت كيان المواطن العادي هو خروف عيد الاضحى الذي ارتفع سعره ارتفاعا صاروخيا مقارنة بالعام الماضي فقط مما أدى إلى غضب مجتمعي من أداء الحكومة الحالية.
و انما نركز على الجانب التشريعي ان جاز لنا أن نقول، فمسالة الدعم الاجتماعي التي تبجحت بها الحكومة، فقد رأينا التخبط الذي يعرفه هذا الملف، و هناك مسألة مدونة الأسرة التي احيلت على الحكومة من طرف صاحب الجلالة محمد السادس قصد القيام ببعض التعديلات استجابة لتطورات العصر و مسايرة له، لكن دون المس بالامور العقدية الثابتة التي ليس فيها باب و لو ضيق للاجتهاد كالارث و الأحوال الشخصية.
و قد صاحب طيلة الفترة التي اعطيت للحكومة من اجل القيام بالمهمة، كثير من القيل و القال، و كثرت التسريبات و الاشاعات، ذلك بسبب العدد الهائل من الجهات التي تم اللقاء بها و استشارتها في الامر، و كل جهة تقدم اقتراحاتها و مشاريعها
و اخر تلك الاتفاقيات او المعاهدات الاتفاقية المسماة اختصارا "سيداو" التي تنص على امور خطيرة تضرب و تهدد بناء الأسرة و بالتالي تهدد استقرار المجتمع باعتبار الأسرة الخلية الأساسية في بناء اي مجتمع، و من بين ما تنص عليه او تدعو له: تحرير المرأة من وصاية الرجل حيث يمكنها أن تخرج و تسافر بدون إذنه، و تصاحب من تشاء، و إمكانية طلب الطلاق، و المساواة في الارث، و المثلية الجنسية، و غيرها من التوصيات الشاذة التي تنافي الفطرة التي فطر الناس عليها.
و قد عارض هذه الوثيقة حتى اتباع الديانات الاخرى مسيحيين رغم و يهود، و تلقفها الملاحدة اعداء الديانات في مختلف بقاع العالم، و عملوا على الترويج لها و صبغها بصبغة التقدمية و الانفتاح المناقض للانغلاق الذي تدعو له الديانات كما يروج اولءك الملاحدة اللادينيون.
و هناك في مجتمعاتنا الإسلامية عدد لا يستهان به من هؤلاء، منهم من وصل الى مصدر القرار كما وقع عندنا في المغرب في الحكومة الحالية، الذين عملوا على ادراج بعض البنود المستوحاة من معاهدة "سيداو" المذكورة انفا، رغم ان ملك البلاد حين سلم مدونة الاسرة للحكومة قصد المراجعة قال انه لا يمكن ان تحليل حرام حرمه الله، او تحريم حرام حرمه الله،
و بعد ان تم الانتهاء من صياغة المشروع و تم تسليمه للقصر، و مراجعته، تم إحالته من طرف امير المومنين الى المجلس العلمي الأعلى قصد تنقيحه وفق التشريع الاسلامي، ومن تم قبول الاجتهادات التي لا تخالف الشرع الحنيف، و طرح ما يجانبه. و بهذا تعتبر مؤسسة إمارة المومنين الحارس الامين على امور دين الأمة.
و بذلك، يكون الذين كانوا يسعون إلى إدخال ما لا يتفق مع عقيدة المغاربة لينظم الأسرة المغربية قد سقط في ايديهم، و ان حاول بعضهم ان يلتف على الخطوة الجريءة التي قام بها امير المومنين.
ان الشرع الحكيم المنزل من عند خالق الانام، و العليم بمكنوناتها و ما يصلح لها و ما يضر بها، لا يمكن ان تعوضها قوانين و معاهدات صادرة عن اناس و منظمات تحمل رؤى و افكار معاكسة و شاذة تقود البشرية الى الانحراف و التعاسة و الضنك و ربما الهلاك.